مدونةغصون الربيع
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةغصون الربيعأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 بين بيكاسو وستاربكس

اذهب الى الأسفل 
3 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
غصــ الربيع ــون
Admin
غصــ الربيع ــون


انثى عدد الرسائل : 8006
البلد : سبحان الله وبحمده
عدد خلقه
ورضى نفسه
وزنه عرشه
ومداد كلماته
   : بين بيكاسو وستاربكس C0deceb77b
  : بين بيكاسو وستاربكس Female62
نقاط : 81333
تاريخ التسجيل : 28/03/2008

بين بيكاسو وستاربكس Empty
مُساهمةموضوع: بين بيكاسو وستاربكس   بين بيكاسو وستاربكس Icon_minitimeالخميس مايو 26, 2011 8:56 am

بين بيكاسو وستاربكس QQ5onswU_Haho80YkClTymHq40FVTl-gbowluq1PBLgsQ_4Ab7W-fWUPpjHhJBaaLzmsDfHPdlnZIt7Y-vcrdLS4MA=s512

في مساء أحد أيام الشتاء الجميلة عام 2001، خرجت مع صديقي من المكتب إلى أحد المقاهي التي أكد لي أنها تقدم قهوة جديدة ومتميزة تختلف وتتفوق على كل أنواع القهوة التي تعاطيتها في حياتي.
دخلنا مقهى «ستاربكس» في دبي ثم سألني عن نوع القهوة التي أفضلها، فقلت له ببساطة: «كابوتشينو»
فضحك مني وأسكتني حتى لا أحرجه، فهذا المكان قد تجاوز الكابوتشينو منذ زمن وأصبحت هناك أنواع جديدة بل وطقوس جديدة لطلب القهوة.

ثم بدأ يتمتم لموظف المقهى بألفاظ غريبة لم أسمع بها من قبل، وما أن أنهى تلك التمتمات حتى أعطاه الموظف رصيداً وأشار إلينا أن نتجه إلى المكان المخصص لتسلم الطلبات، فاقترحت على صديقي أن نجلس وسوف يأتي العامل بالقهوة، فضحك مرة أخرى وقال لي إن ذلك العصر قد ولّى وعلي أن آخذ قهوتي بنفسي، بل وأن أضع فيها السكّر وغير ذلك من مكونات وأحملها إلى مكان الجلوس.

كانت تلك أول مرة أدخل فيها ستاربكس، وما زلت إلى اليوم أطلب نفس ذلك الطلب الذي طلبه لي صديقي قبل ست سنوات (كراميل لاتيه، بدون رغوة، حجم عادي)

، بل أصبحت أبحث عن ستاربكس في كل بلد أنزل إليه، حتى أنني كنت مع والدي في سنغافورة قبل أيام وشكرت الله أن ستاربكس كان موجوداً على بعد خطوات من الفندق، إلا أنني استحييت من والدي أن أذهب به كل يوم إلى ذلك المكان الذي تبين لي أن قهوته لا تتماشي مع ذوقه، فصرت أنزل إليه وحدي بعد أن نرجع إلى الفندق ويذهب أبي إلى غرفته.

تتوزع أفرع ستاربكس في 37 بلداً حول العالم، وتمتد سلسلته إلى أكثر من 3000 فرع، إلا أن إدارة الشركة قد حافظت على هوية المقهى بطريقة محكمة تفوقت على غيرها من العلامات التجارية العالمية.
فجميع المقاعد والطاولات وتوزيع اللوحات ولبس الموظفين وكل شيء، يحمل نفس النمط في طوكيو ودبي والقاهرة ونيويورك وغير ذلك من مدن، حتى أنواع الناس التي تتوافد عليه متشابهة إلى حد كبير،
فعليك أن تكون (كوول cool) لكي تتناسب مع أجواء ستاربكس، وأعني بذلك أنه عليك أن تلبس بطريقة عشوائية، وتسرح شعرك بشكل غريب، وعليك في معظم الأحيان أن تضع كمبيوترك المحمول أمامك، لا لشيء إلا ليقال عنك أنك كوول.
وعليك أن تجلس وإحدى رجليك على الكرسي والأخرى تلوح في الهواء، لتقول للآخرين بأنك شخص غير مبالٍ بالعالم من حولك، فأنت مرح واجتماعي وتخالط العالم من خلال كمبيوترك فقط، حتى قهوتك ـ التي قد تتجرّعها بمرارة ـ فإنه عليك أن تبدي للآخرين بأنك لا تستطيع العيش دونها، لأنك إنسان «عصري» يحب ارتشاف القهوة في كل وقت، ليشعر بأنه في أوج قوته ونشاطه.
في ستاربكس عليك أن تتحدث باللغة «العربلزية»، وهي لغة بعضها عربي وبعضها الغالب انجليزي، وعليك أن تتحدث أولاً عن السيارات ثم عن الأسهم أو بعض مضاربات الاستثمار التي أجبرت على خوض غمارها لكي تبقى كوول، وعليك أيضاً أن تتحدث عن صديقتك أو مع صديقتك حتى لا تغرّد خارج السرب، وإن حدث وتطرّقت إلى موضوع جاد فإنك لن تبدو كمن يغرّد خارج السرب فقط، بل ستجرح مشاعر من يجلس حولك لأنك الشخص الوحيد الذي لا يبدو كوول في المكان، ولذلك فإن حديثك سيبدو لحناً نشازاً في سيمفونية الفوضى المنظّمة.

لقد استطاع ستاربكس بحسناته ومساوئه أن يذيب مختلف الثقافات في ثقافة واحدة
وليعذرني الأديب الراحل إدوارد سعيد الذي عرّف الثقافة بقوله:
الثقافة هي الإنتاج الفكري للشعوب، لأن معايير ستاربكس قد أذابت هذه المقولة مثلما تذيب قهوته الذوق الرفيع، وفرضت نفسها على المجتمع الإنساني كثقافة، إلا أنها تذيب الفكر ولا تنتجه.
بين بيكاسو وستاربكس XlKLX13oG1aBd7dTtUX3iO8NX3PAxjHFJGfO4JAXO18vg9uXAgYQKYz1hhA1pFost9qGVj4Z2HZTui2Q7oSEFJePCg=s512

فثقافة ستاربكس تلتقي مع ثقافة فنان القرن العشرين الأكثر شهرة على الإطلاق «بيكاسو»، في عالم اللامبالاة وفي إنتاج اللا معنى، فبيكاسو الذي كان يعمل عكس عقارب الساعة.

حيث كان ينام في النهار ويعمل في الليل، تدل أغلب أعماله ـ حتى للإنسان البسيط ـ على أنها ناتجة عن شخص غير مبالٍ بما يقوم به، وعلى الرغم من أنه تأثر بالحروب العالمية وحاول عكس تأثيراتها في لوحاته ـ كما يصرّ المحللون ـ إلا أن الفوضى المنظمة تبقى صفة لصيقة بجميع أعماله.

لقد كان بيكاسو المنحدر من أسبانيا فقيراً جداً في بداية حياته إلى درجة أنه لم يكن لديه حطب يدفئ به غرفته، مما اضطره إلى حرق لوحاته في بعض الأحيان للحفاظ على حرارة جسده، وكان كثير التردد والتنقل من موضوع إلى آخر.

وأستغرب كيف يصفه المحللون بأنه تأثر كثيراً بالظروف الاجتماعية التي مرّ بها فعكسها في أعماله، ويقولون في نفس الوقت بأنه كان غير مبالٍ حتى ظهرت هذه اللامبالاة في شخصية المهرج التي طبع بها معظم أعماله الشهيرة! وكانت نتيجة هذه اللامبالاة أن انتقل من مرحلة إلى أخرى صنّفها المتخصصون على أنها مراحل فنية عظيمة ما زالت تدرس إلى اليوم.

فهناك المرحلة الزرقاء التي تميزت برسم الساقطات والمتسولين، ثم المرحلة الحمراء، ومرحلة التأثير الإفريقي، والمرحلة التكعيبية التحليلية، والمرحلة التكعيبية التركيبية، وغير ذلك

بين بيكاسو وستاربكس -bCTbb8-uJinzqYUymQMMp5DuTJrpSltBfg8HmmXiIbKbA35mmW9G8hzdj3h2VFZpSh7PzR_3pa_IY8YaVQVmEGavg=s512

وعلى الرغم من أن المطلع على أعمال بيكاسو يجدها مبهمة جداً إلى حد الغرابة، وغريبة جداً إلى حد الملل، إلا أنه لا يحق لأي شخص أن يتحدث عن أعماله إلا بطريقة علمية يتناول فيها جميع الركائز الأساسية للفن الحديث، وأكاد أجزم أن بيكاسو نفسه لم يضع أياً من هذه التحاليل نصب عينه عندما أمسك بفرشاته وأعملها في لوحاته…

فهو كان يعبّر فقط، ولكن علينا نحن أن نضع معايير وشروطاً علمية وفنيّة وأكاديمية، أما هو فيمكنه أن يلعب كيفما يشاء.
بين بيكاسو وستاربكس YUrZHnTpRtThiQUVITNCVt5_33eANNzqETQOeg_lPkH_zbLiYzAOTQKzpATgQLnuHKl67cpg76viDf21RKLBzbUxWA=s512

في ستاربكس تبدو جميع الجدران وكأنها من أعمال بيكاسو، فهي مبهمة ومملة في كثير من الأحيان، إلا أنه علينا ألا نتحدث عنها بلغة بسيطة عندما ننظر إليها، وعلينا أن نطبق شفاهنا ونعقد حواجبنا لكي نبدي للآخرين أننا ندرس هذه الجداريات بروية لنعرف مغزاها، وعندما نقف أمام العامل الذي يأخذ الطلبات فإنه علينا أن نتّخذ أصعب القرارات لنحصل على كوب قهوة
(ماكياتو وسط، حليب قليل الدسم،
فرابوتشينو كبير بدون كريمة وقليل الثلج،
لاتيه صغير بدون رغوة،
ديكاف،
كوب ورقي).

وما أن ننصرف عن الموظف حتى نصبح أحراراً يمكننا أن نعبث في المكان، ولكن بشروط ثقافته تماماً مثلماً كان يفعل بيكاسو، وإن تجرأ أحدنا على الانتقاد فإنه سيبدو كالمتزمّت الذي لا يفقه من الفن شيئاً.

في ستاربكس قد تكون حراً إلا أنك تبقى مقيداً، وقد تفكّر مثل بيكاسو إلا أنك لن تبدع مثله… وقد تعشق القهوة إلا أنك ستمقتها لا محالة.

في باريس يفتخر الفرنسيون بأعمال دافينشي التي تحتضنها متاحفهم، إلا أنهم يؤكدون دائماً على أنه إيطالي، وفي باريس لا يكاد ستاربكس أن يُرى لأن الفرنسيين يفضلون أن يرتشفوا قهوتهم كيفما يريدون هم لا كيفما يراد لهم… ويفضلون أيضاً أن يرتشفها غيرهم على الطريقة الفرنسية

ياسر حارب

http://yhareb.com/wp



بين بيكاسو وستاربكس KmpqfdVmYF6KNsFas7ScaQn6DnV-7amXDaxuqtbxNxYBqGTaATjibMODapVHsX3rFIFIqv5yXA991I3-F7B7cA6mCg=s512
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://gsoon.hooxs.com
الثاقب
ريشة وقلم
الثاقب


ذكر عدد الرسائل : 11
البلد : الرياض
   : بين بيكاسو وستاربكس C0deceb77b
  : بين بيكاسو وستاربكس Female62
نقاط : 49313
تاريخ التسجيل : 28/05/2011

بين بيكاسو وستاربكس Empty
مُساهمةموضوع: رد: بين بيكاسو وستاربكس   بين بيكاسو وستاربكس Icon_minitimeالسبت مايو 28, 2011 11:34 pm

شكرا على هذه المقارنه المتعوب عليها ولا تخرج الا من متامل وفنان مبدع .... واعتقد ان ان الفنون جنون ولا يمكن ان يوجد عمل فني خالي من هذه الصبغه ... استفدت كثيرا وافر احترامي وتقدير للجميع ... تحياتي العطره لكل من يقوم على هذا المنتدى الرائع وجميع اعضائه المحترمين .... شكرا ياسر .. شكرا غصون الربيع ... abdul rahman al thaqeb cyclops
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
بنت الحجاز
عضو جديد
عضو جديد
بنت الحجاز


انثى عدد الرسائل : 6
البلد : السعودية
   : بين بيكاسو وستاربكس C0deceb77b
نقاط : 49226
تاريخ التسجيل : 04/06/2011

بين بيكاسو وستاربكس Empty
مُساهمةموضوع: رد: بين بيكاسو وستاربكس   بين بيكاسو وستاربكس Icon_minitimeالسبت يونيو 04, 2011 5:31 am

ممكن الكتاب اذا ممكن
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
بين بيكاسو وستاربكس
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
مدونةغصون الربيع :: أقســـــام المنتدى :: المنتدى العام :: المنتدى العام-
انتقل الى: